تحليل نص إن الصداقة هي إحدى الحاجات الأشد ضرورة للحياة , لأنه لا أحد يقبل أن يعيش بلا أصدقاء ولو كان له مع ذلك كل الخيرات
يتبع
جوابا على هذا الإشكال,يذهب مضمون القولة إلى تأكيد أهمية الصداقة في رسم علاقة ايجابية مع الغير , فهي بالنسبة لمضمون القولة أشد الحاجات الضرورية للحياة , فالغنى أو الثراء لا يشكل للأنا البديل عن العيش بدون أصدقاء , وقبل إبداء الرأي في هذا القول , تجدر الإشارة أولا إلى مضمون هذا التصور الذي يعلي من قيمة الصداقة , ويعتبرها أساس التواصل الحقيقي مع الغير , وفي هذا الإطار يمكن الاستئناس بما قدمه الفيلسوف اليوناني أرسطو , فقد ذهب هذا الفيلسوف في كتابه "Ethique a Nicomaque " , إلى اعتبار الصداقة الماهية الحقيقية التي تربط الإنسان بالآخرين , مهما كان سن هذا الإنسان و مرتبته الاجتماعية , وما يدعم هذا القول بالنسبة لأرسطو هو تأسيس الصداقة على مفهوم الفضيلة , باعتبارها قيمة أخلاقية ومدنية , تنبني على محبة الخير و الجمال لذاته أولا ثم للأصدقاء ثانيا, لذلك فهي تدوم وتبقى , بخلاف صداقة المنفعة و المتعة التي تزول بزوالهما , و الصداقة ضرورية ومطلب للحياة المشتركة , ولو أمكن قيام صداقة الفضيلة بين الناس جميعا, لما احتاجوا إلى العدالة و القوانين , وفي هذا يقول أرسطو : *الصداقة فضيلة , أو هي على الأقل مصحوبة بالفضيلة , وفوق ذلك فهي ضرورية على وجه الإطلاق للحياة , فبغير أصدقاء لا أحد يريد العيش , حتى ولو كان ينعم بجميع الخيرات الأخرى , فالأغنياء وذوو المناصب و أصحاب السلطة العليا , بصفة خاصة , يحتاجون فيما يظهر لأصدقاء , إذ ماذا يفيدهم أن ينعموا على هذا النحو بالخيرات , إذا ما حرموا من ملكة إسداء الخير إلى الأصدقاء؟ فالصديقان كائنان يسيران متحدان , وبالفعل فان الإنسان يكون على هذا النحو أقوى على التفكير والعمل , وفوق ذلك فان المواطنين لو تعلق بعضهم برباط الصداقة لم احتاجوا إلى عدالة *.
نخلص من هذا التحليل لموقف أرسطو من العلاقة بالغير , وهو الموقف المعبر عنه في القولة أعلاه , أن الصداقة هي أسمى الفضائل التي يجب أن تقوم عليها العلاقة بين الأنا و الغير , فلا غنى للإنسان في حياته عنها إذا كان ينشد الحياة السعيدة , فهل فعلا أن الصداقة بدلالتها السابقة , هي الطريق السليم لتواصل حقيقي مع الغير , مهما كانت طبيعة هذا الغير , أم أن الأمر عكس ذلك؟
يتبع..
أجاب بواسطة: alnabth
• ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤